كيف نتعامل مع صغارنا من أجل غد أفضل لمواكبة منجزات الحضارة الجديدة في العالم؟ : كيف نتعامل مع صغارنا من أجل غد أفضل والاقتراب من معطيات القرن الواحد والعشرين التكنولوجية، للتعامل معها ومواكبة منجزات الحضارة الجديدة في العالم؟
من أجل الإجابة عن هذا السؤال الكبير قام الأديب د. السيد نجم بوضع كتابه الجديد "طفل القرن الحادي والعشرين: ذكاء ـ موهبة ـ معرفة ـ جمال". وهو كتاب يخاطب المثقف غير المتخصص، وكذا كل القائمين على تربية الطفل، داخل البيت وخارجه. وعلى ذلك فكل باب من أبواب الكتاب الثلاثة تُعد إطلالة تسعى للكشف عن الجوانب المتداخلة التي قد تبدو خفية للعامة. لقد سأل أحد الأطفال (وعمره 8 سنوات) أباه قائلا: "يا والدي .. هل أنت ولدت في الأزمنة القديمة؟" وتوقف الأب عند السؤال طويلا، واعتبره مؤشرا على التفتح وانطلاق الذهن والوعي بكل ما يدور في رأس هذا الطفل ـ الابن. فكيف إذن نهيئ طفلنا العربي القادم لهذا القرن الجديد؟ هذا السؤال هو ما أثار المؤلف لكي يبحث وينقب ويقرأ ويستكشف، ويفند الكثير من الآراء العربية والأجنبية في هذا الصدد. ومن هنا جاءت دسامة هذا الكتاب الذي وقع في 120 صفحة من القطع المتوسط. ومع هذه الدسامة التنظيرية كان لابد من إجراء تطبيقات عملية على الأطفال موضوع الكتاب، أو على الأقل على عينة، سواء عشوائية أو مختارة، منهم. وهو ما لم يفعله المؤلف، ولعله ادَّخر مثل هذا التطبيق لكتابه القادم "قرن جديد لطفل جديد".. تساءل المؤلف في الباب الأول عن "النمو في الكائن البشري"، وبذلك يتضح أنه يبدأ موضوعه من الصفر، منذ الولادة، وربما قبلها، أي منذ أن يتخلَّق الجنين في بطن أمه، فيصبح نطفة ثم علقة (باتحاد الخلية الذكرية بأخرى أنثوية). أو زمنيا من الصفر حتى 8 أسابيع في بطن الأم، ثم من 8 إلى 40 أسبوعا، وهكذا حتى يصبح عمره 20 سنة. طبقا للتقسيم الذي وضعه د. أرنولد جزل وآخرون. ثم يبحث بعد ذلك في مسألة نمو عقل الطفل، حيث ينضج الجهاز العصبي للطفل على مراحل (فالطفل يجلس، قبل أن يقف، يناغي قبل أن يتكلم، يقول "لا" قبل أن يقول "نعم" أو قبل الموافقة، يختلق قبل أن يقول الصدق، يرسم الدائرة قبل المربع، وهو أناني محب لذاته، يعتمد على الآخرين، قبل الاعتماد على نفسه .. وهكذا إلى أن يصبح في الثامنة من عمره فيكون أقرب إلى الشخص المكتمل، إذا قيس بدلالة العلاقات بين الكبار والأطفال. أيضا يتحدث الكاتب عن اللعب عند الطفل، والذكاء والقدرات العقلية، والتفكير، حيث هناك نوعان من التفكير: التفكير الناقد، والتفكير الابتكاري. ثم الفروق الفردية والتلقي. الباب الثاني جاء تحت عنوان "القرن القادم بين الإبداع والخيال واللغة" وتعرض فيه المؤلف إلى الهوية وجوهر التغيير المطلوب أو المنتظر، فالقرن الجديد سيكون قرن الحدود المفتوحة، أو سيكون عصرا بلا حدود، فإزالة الحدود سمة ثقافية اقتصادية، بدت بوادرها في أواخر القرن العشرين. فما تأثير ذلك على الطفل؟ وعلى حصوله على المعلومة، بل كيف يولِّد المعلومة من مصادرها الأولية في ظل الحدود المفتوحة، ثم كيف يطوِّر هذه المعلومة؟ هنا يبرز أهمية وجود الطفل المبدع الخيالي في القرن الجديد، ومن هنا تبرز أهمية أن يكون طفل القرن الحادي والعشرين إيجابيا (أو لابد أن يكون كذلك) بالتأمل والفحص والنقد والإضافة إلى كل المعطيات التي نقدمها إليه. وفي هذا الصدد تصبح قضية سمات شخصية الطفل المبدع أو الطفل الموهوب من النقاط المهمة، مع عدم إغفال الطفل العادي الذي يشكل النسبة الغالبة من الأطفال. لذا كان لابد من الحديث عن الخيال في عالم الطفل ـ سواء الموهوب أو العادي ـ فما من كائن بشري إلا والخيال يلعب دورا كبيرا في حياته، فكلنا نتخيل، أو نحلم، والطفل يعتمد على هذا الخيال في بعض سنوات حياته، فكيف يكون التعامل مع عالم الخيال عند الطفل؟ فالتعامل مع الخيال يعتبر من جواهر الاهتمامات بطفل المستقبل. وينقلنا الخيال إلى الجمال وإلى اللغة التي هي الباب السحري للمعرفة والفكر عند الطفل، وخاصة عند التعامل مع الآخرين، وإلى جانب التقاط المفردات من الأسرة والمجتمع الصغير الذي حول الطفل، هناك الراديو أو المذياع، والتلفزيون، ثم دخل الكمبيوتر عالم الطفل، والمدرسة، والكتب والدوريات والمعاجم، والمسرح، والسينما، ولكل مرحلة من مراحل عمر الطفل ظروفها وأساليبها اللغوية. وفي محاولة للاقتراب التربوي من عالم الطفل، يكون الباب الثالث والأخير، حيث تحول التعليم إلى: تعليم الطفل كيف يتعلم؟ أي كيف يتعرف على نفسه والبيئة من حوله. ثم كيف يفكر في حل مشاكله البسيطة، وربما المعقدة. وكيف يفكر قبل أن يحفظ المعلومة. ثم يضع المؤلف يده على بعض المفاهيم الخاطئة في عالم الطفل، ومن هذه المفاهيم: التعامل مع الأطفال على أنهم من صغار البالغين، وأن النمو يتحقق بتلبية كل رغبات الصغير. ثم يفرد المؤلف فصلا خاصا بالطفل الموهوب، وهل يمثل مشكلة، مثله في ذلك مثل الطفل المعاق؟ (لذا يطلق عليهما أحيانا: الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة) ومن خلال بعض التحليل يصل المؤلف إلى أن الطفل الموهوب يمثل في الحقيقة مشكلة ما. وأن الوعي بالطبيعة الاجتماعية للمشكلة هو الحل الأكيد لها، أو هو مفتاح حلها السحري. والمؤلف ليس غريبا على عالم الطفل، فقد سبق له أن أصدر سبعة كتب في مجال أدب الأطفال، منها ما صدر عن دار المعارف بالقاهرة مثل: سامح يرسم الهواء، والأسد هس والفيل بص، والمباراة المثيرة، والأمومة في عالم الحيوان، ومنها ما صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة (سلسلة قطر الندى) مثل روايته للأطفال "الأشبال على أرض الأبطال"، ومنها ما صدر عن دار الهلال (سلسلة كتاب أولاد وبنات) مثل قصصه "روبوت سعيد جدا". لذا تأتي أهمية دراسته الجديدة التي عرضنا لها "طفل القرن الحادي والعشرين"، ونحن في انتظار دراسته الأخرى "قرن جديد لطفل جديد"
موضوع: طفل القرن الحادي والعشرين.. كيف نتعامل معه؟ 
