الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
صلاح البدير
الخطبة الأولى :
الحمد لله ، الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ، وجعل أمتنا خير أمة ، وبعث فينا رسولاً منا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة ، أحمده على نعمه الجمة ، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له ، شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله ربه للعالمين رحمة ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تكون لنا نوراً من كل ظلمة وسلم تسليماً كثيراً ، عباد الله اتقوا الله فإن تقواه أفضل مكتسب وطاعته أعلى نسب { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون . }
أيها المسلمون : إن المحافظة على حرمة الإسلام ، وصون المجتمع المسلم من أن تخلخله وتقوضه البدع والخرافات ، والمعاصي والمخالفات ، وحمايته من أمواج الشر الهائجة وآثار الفتن المائجة ، وتحذيره مزالق الشقوق ، ودركات الهبوط ، أصل عظيم من أصول الشريعة وركن مشيد من أركانها المنيعة ، يتمثل في ولاية الحسبة وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تلك المهمة العظمى والأمانة الكبرى التي هي حفاظ المجتمعات وسياج الآداب والكمالات بها صلاح أمرها واستتباب أمنها وقوة ملاكها ومساكها مافقدت في قوم إلا زاغت عقائدهم وفسدت أوضاعهم وتغيرت طباعهم وما ضعفت في مجتمع إلا بدت فيه مظاهر الانحلال وفشت فيه بوادر الاختلال والأمة حين تكون سائرة في جادة الطريق محكمة شريعة الله بالتحقيق والتطبيق يكون من أول مهامها إقامة ولاية الحسبة ورفع لوائها وإعلاء بناءها وإعزاز أهلها لأن جميع الولايات تعود إليها ، يقول تبارك وتعالى{ الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور .} ويقول تبارك وتعالى{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}.
أمةٌ قائدة رائدة تحقق في المجتمع المسلم شرع الله وتصدع بالحق في وجوه النفوس المريضة الباغية إشباع شهواتها العابثة بأمن الأمة ومقدراتها ، يقول جل وعلا في وصف الأمة المحمدية وذكر أسباب الخيرية
{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }
أيها المسلمون :
إن المعاصي والمنكرات هي الداء العضال والوباء القتّال الذي به خراب المجتمعات وهلاكها وإن التفريط في تغيير المنكرات ومكافحتها والقضاء عليها من أعظم أسباب حلول العقاب ونزول العذاب ، فعن أم المؤمنين أم الحسن زينب جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً وهو يقول : لاإله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ويأجوج مثل هذه ـ وحلّق باصبعه الإبهام