يبدو أن كأس العالم فى جنوب إفريقيا لم تكتف بخروج بطل العالم ووصيفه من الدور الأول، بل إن «لعنة إفريقيا» لا تزال تنزل على كل شىء له صلة من قريب أو بعيد بإيطاليا وفرنسا.
وبعد أن انشغل العالم بالخروج المدوى للديوك الفرنسية وسط حالة من الجدل الواسع لتبرير أسباب الإخفاق لوصيف النسخة السابقة من البطولة، تناسى الجميع الكارثة الفرنسية واتجه نحو منتخب الأزورى وهو يغادر الأراضى الإفريقية كما دخلها، وإن كانت المصائب لا تأتى فرادى، فإن الخيبة أصابت كل ما هو فرنسى أو إيطالى من لاعبين ومدربين حتى وصلت إلى الحكام.
الخيبة الفرنسية فى هذا المونديال وإن كانت قد ظهرت مع خروج المنتخب صفر اليدين من الدور الأول، إلا أن المأساة بدأت بشكلها الحقيقى مع إخفاق المنتخب الكاميرونى وخروجه المبكر من منافسات المجموعة الخامسة، حيث كان أسود الكاميرون فى طليعة المنتخبات التى ودعت البطولة رسمياً قبل أن تنتهى منافسات الدور الأول، والطريف فى الأمر أن المدير الفنى لمنتخب «زملاء إيتو» هو الفرنسى بول لوجوان، حيث كان لوجران ثانى المدربين الفرنسيين بعد دومينيك.
وبعد سقوط لوجران، جاء الدور على منتخب بلاده، وقبل أن يخفق الديوك كمنتخب، كان المدرب دومينيك يوثق إخفاقه كمدرب بعد أن فقد السيطرة تماماً داخل الملعب وخارجه، حيث كان المعسكر الفرنسى وجبة دسمة لوسائل الإعلام خاصة التى تهتم بالفضائح والمصائب على حد سواء، ليأتى بعد ذلك الإعلان الرسمى عن خروج وصيف بطل العالم وسط أزمة رياضية واسعة تدخل خلالها رئيس البلاد ساركوزى لاحتوائها، وإن كان مدرب الكاميرون لوجران قدم استقالته لإخفاق فريقه، فإن دومينيك كان يعلم قبل بداية المونديال بأن اللقب لن يشفع له للبقاء على رأس عمله.
وبعد أن أصاب الإخفاق الفرنسى معسكر اللاعبين وامتد بعد ذلك للمدربين، وصل الأمر أخيرا إلى طاقم الحكام الفرنسى خلال لقاء البرازيل وساحل العاج ضمن المجموعة السابعة، حيث لا يزال الجميع يذكر الواقعة الشهيرة لمهاجم السامبا لويس فابيانو عندما توغل داخل منطقة الجزاء العاجية وهو يروض الكرة بيده فى مناسبتين قبل أن يسدد على يمين الحارس أبوبكر بارى هدفاً ثانياً للبرازيل، لكن الحكم الفرنسى ستيفان لانوى الذى قاد ذلك اللقاء لم يكتف بالتغاضى عن احتساب لمسة اليد وإلغاء الهدف، بل إنه اقترب من فابيانو بعد الهدف وأشار له أمام عشرات الكاميرات فى الملعب بأنه «رأى لمسة اليد»، لكنه اكتفى بالابتسامة للمهاجم البرازيلى.
وبعد أن كان الأمل معقودا على صحوة الطليان خوفاً من تكرار المشهد الفرنسى، وجد أبطال العالم أن سلوفاكيا أعدوا العدة لإسقاط المدرب ليبى وأبنائه، بل إن الطامة الكبرى كانت فى طريقة إسقاط «الازورى»، وبعد تقدم سلوفاكيا بهدفين، رد المنتخب الإيطالى بهدف، وعندما كان العالم بأسره بما فيهم السلوفاكيون ينتظرون هدفاً ثانياً لأبطال العالم لضمان العبور، جاءت رصاصة الرحمة من القناص فيتيك وحولت الحلم إلى سراب رغم أن منتخب «بلاد البيتزا» عاد وقلص النتيجة مجدداً.
وكان ليبى يعلم مصيره قبل أن يدخل كأس العالم، كما هو الحال مع الفرنسى دومينيك، فإن أنصار ومشجعى المنتخب الإيطالى عقدوا العزم على الوقوف خلف المنتخب الإنجليزى خاصة وأن مديره الفنى هو الإيطالى كابيللو، لكن الأخير سقط بقسوة أمام القوة الألمانية وبات ينتظر العودة إلى لندن لإعلان الاستقالة رسمياً، وإذا كان الفرنسى لوجران أخفق بصحبة الكاميرون وأخرجهم من الدور الأول، فإن الإيطالى كابيللو تمنى لو كان خروج الانجليز من الدور الأول على أن يشاهد الدرس الألمانى القاسى.
وكما هو حال الفرنسيين، فقد امتد الإخفاق الإيطالى إلى التحكيم، وإن كان تصرف الحكم الفرنسى لانوى مع فابيانو أدهش العالم ، فإن الإيطالى روبرتو روسيتى ومواطنه المساعد ستيفانو أيرولدى لم يخجلا من ملايين المشاهدين حول العالم عندما اتفقا بعد دقيقتين من النقاش على احتساب هدف غير شرعى للمهاجم الأرجنتينى كارلوس تافيز فى مرمى المكسيك بعد أن بدا بشكل واضح مستفيداً من موقعه متسللاً، فاكتمل بعد ذلك مشهد الإخفاق الإيطالى الفرنسى بكل المقاييس.
إن المنتخبين الإيطالى والفرنسى يتشابهان إلى حد بعيد فى العديد من الأمور الفنية والإدارية خلال المونديال الإفريقى.
وبعيداً عن خروج كلا المنتخبين من الدور الأول فى البطولة، فإن إيطاليا وفرنسا هما آخر المنتخبات الأوروبية التى نالت كأس العالم، وبعد أن توج الديوك باللقب عام ١٩٩٨، فإن المنتخب الإيطالى أعاد الكأس للقارة العجوز عام ٢٠٠٦ بعد أن كانت البرازيل قد توجت فى ٢٠٠٢ بكوريا واليابان.
وفى مفارقة أخرى، استطاع ١٩ منتخباً تأكيد مشاركتها فى كأس العالم للمرة الثانية على التوالى فى جنوب إفريقيا بعد مونديال ألمانيا ٢٠٠٦، لكن ١٧ منتخباً استبدلت أجهزتها الفنية وجلبت مدربين جددا، فى حين بقى المنتخبان الإيطالى والفرنسى على العهد، وواصل ليبى برفقة الازورى، واستمر دومينيك على رأس الديوك بخلاف المنتخبات الأخرى.
ويتواصل التشابه بين ليبى ودمينيك، ورغم أن الاتحادات الأهلية فى إيطاليا وفرنسا جددت الثقة بالأجهزة الفنية للمنتخب الوطنى خلال كأس العالم، إلا أن الطليان والفرنسيين قاما بتسمية مدربين جديدين على أن يتسلما مهامهما بعد كأس العالم مباشرة خلفاً لليبى ودومينيك على التوالى.
خرجت فرنسا ولحقتها إيطاليا، أخفق التدريب الفرنسى وسار على دربه العقل الايطالى، فشل التحكيم الفرنسى وتكرر الموقف مع الإيطالى، فهل سيبقى هذا الحال لسنوات؟، أم أن إيطاليا وفرنسا تملكان القدرة على النهوض بكرة القدم بسرعة فى مختلف المجالات؟.. ننتظر لنرى