الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسورة الواقعة مكية بإجماع من يعتد بقوله.
ولا نعلم سبباً خاصاً لنزول سورة الواقعة جملة إلا ما ورد من أسباب نزول بعض آياتها، منها ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مُطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا. قال: فنزلت هذه الآية: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ).
قال النووي: قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله: ليس مراده أن جميع هذا نزل في قولهم
في الأنواء، فإن الأمر في ذلك وتفسيره يأبى ذلك، وإنما النازل في ذلك قوله: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [الواقعة:82].
والباقي نزل في غير ذلك، ولكن اجتمعا في وقت النزول، فذكر الجميع من أجل ذلك، قال الشيخ ابن عمرو رحمه الله، ومما يدل على هذا أن في بعض الروايات عن ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك الاقتصار على هذا القدر اليسير فحسب هذا آخر كلام الشيخ رحمه الله. شرح النووي لمسلم 2/62.
وروى أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند فيه من لا يعرف عن أبي هريرة قال: لما نزلت (ثلة من الأولين* وقليل من الآخرين) شق ذلك على المسلمين فنزلت (ثلة من الأولين *وثلة من الآخرين).
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق بسند فيه نظر من طريق عروة بن رويم عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت: (إذا وقعت الواقعة) وذكر فيها (ثلة من الأولين* وقليل من الآخرين)، قال عمر : يا رسول الله ثلة من الأولين، وقليل منا.. فأمسك آخر السورة سنة ثم نزلت (ثلة من الأولين* وثلة من الآخرين)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمر فاسمع ما قد أنزله الله (ثلة من الأولين* وثلة من الآخرين) وأخرجه ابن أبي حاتم عن عمرو بن رويم مرسلاً.
أخرج سعيد بن منصور في سننه والبيهقي في البعث عن عطاء ومجاهد قالا: لما سأل أهل الطائف الوادي يحمى لهم وفيه عسل، ففعل وهو وادي معجب، فسمعوا الناس يقولون: إن في الجنة كذا وكذا، قالوا: يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي، فأنزل الله (وأصحاب اليمين* ما أصحاب اليمين).
ا.هـ. من باب النقول في أسباب النزول للسيوطي.
والله أعلم.