[b]
[table width=100 align=left]
<TR>
[td][img]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][tr]
[td align=middle][b][/b][/td][/tr][/table]"لابد أن شخصاً ما وشي بجوزيف ك، ففجأة ذات صباح، ودون أن يرتكب أي خطأ.. تم القبض عليه" بالنسبة لمعظم قراء الأدب فهذه الجملة ودون أي إشارات توضيحية تحمل رائحة كافكا في كل ثنيها، بداية من الحرف "ك" وحتي النبرة التقريرية التي تضع القارئ في قلب الدراما دفعة واحدة دون أي تمهيد. لكن هذه المرة فالجملة ليست من إحدي روايات كفاكا المكتوبة، بل هي الجملة التي تقابل القارئ في أول صفحة من "الرواية المصورة/ جرافيك نوفل" المحاكمة والتي كتبها ديفيد متروفيتز عن رواية كافكا التي تحمل نفس الاسم وقام برسمها الرسامة الفرنسية شانتال مونتلييه، وصدرت مؤخراً بترجمة فادي عوض عن دار الشروق.
تحويل أي عمل روائي إلي أي شكل آخر تظل دائماً عملية محفوفة بالمخاطر والمقارنات بين الأصل والصورة، وفي ميدان الكومكس، تظل تجارب الاعتماد علي نص روائي أصلي من التجارب القليلة نسبياً ومنها تجربة ميروفيتز مع المحاكمة. مهارة تحويل عمل
روائي إلي كومكس تعتمد بالأساس علي خلق معادل بصري لكل الأفكار والحوارات الداخلية التي تدور في عقل الشخصيات، وعلي تحويل مقاطع السرد والوصف الطويلة إلي صور وأيقونات بصرية تلعب مع الحوار المكتوب الدور المكمل لبناء العمل. لذلك فقد اعتمدت رسوم شانتال علي اللونين الأبيض والأسود فقط دون أي تدرجات رمادية لنقل الحالة السوداوية المميزة لأعمال كافكا. وتظهر براعة الكومكس في استخدام عشرات التيمات البصرية الصغيرة التي تكمل الرواية وتضيف لها أبعاداً جديدة، بداية من بطل العمل نفسه والذي منحته الرسامة ملامح وجه كافكا بعينيه الغائرتين وعظام الوجه البارزة، وتبرز قدرتها علي تحويل مشاهد السرد إلي تيمات بصرية، حينما يستيقظ "ك" ويجد المخبرين في منزله وقد حضرا للقبض عليه يظن في البداية أن الأمر ليس أكثر من مزحة رتبها أصدقائه بمناسبة عيد ميلاده، وهكذا نجد رأس المخبر وقد ظهر منه أصدقاء "ك" وهم يحملون الهدايا صائحين "عيد ميلاد سعيد يا جوزيف". كما استغلت شانتال حدود الكادرات
لوضع موتيفات ذات علاقة بمضمون الكادر، فحدود الكادر في الرواية ليست مجرد خطوط مستقيمة بل تتحول إلي عظام تشكل هيكل عظمياً لمخلوقات خرافية حينما يُقتاد "ك" ليقف أمام هيئة المحكمة التي تحاكمه علي تهمة لا يعرف هو مضمونها.
بالنسبة للقارئ العربي فهناك ميزة إضافية تقدمة رواية المحاكمة المصورة، فقد أولت الرسامة عناية فائقة بتفاصيل العصر حيث يفترض أن تدور الرواية في مدينة شرق أوروبية ما بداية القرن العشرين، لهذا أفردت شانتال مساحات واسعة لرسم تفاصيل الشوارع والعمارات مع الإعتناء بالملابس والبدل السوداء المميزة بنصف رقبة. ومع خطوطها وتفاصيل الساحرة في كل كادر نسير مع "ك" في محاكمته الخرافية التي تنتهي دون حتي أن يري قضاته، وفي منطقة مهجورة علي أرض صخرية جافية يتم تنفيذ حكم المحكمة بقطع رقبته علي حد تعبير الرواية "مثل أي كلب...بدا الأمر كما لو أن عاره سيعيش من بعده".
[/b]