الأهرام المسائي علي خط النار بين إسرائيل ولبنان
رسالة بيروت: محمد عبدالهادي
بعدما أجهضت القمة الثلاثية اللبنانية ـ السعودية ـ السورية ببيروت يوم الجمعة الماضي مشروع فتنة داخلية في لبنان علي خلفية تسريبات إسرائيلية باتهام القرار الظني المزمع صدوره عن المحكمة الدولية
عناصر من حزب الله باغتيال الحريري, شنت إسرائيل أمس عدوانا استهدف الجيش اللبناني في الجنوب في محاولة وصفتها مصادر أمنية وسياسية بأنها تهدف إلي عقاب الجيش علي معادلة الشعب والجيش والمقاومة للدفاع عن لبنان التي أقرها الرئيس ميشال سليمان القائد السابق للجيش, في مسعي لاخراجه من المعادلة وللوقيعة بينه وبين المقاومة باستهدافه.
فقد قام الجيش الإسرائيلي قبل ظهر أمس بانتهاك القرار الدولي1701 الصادر في أغسطس2006 بشأن وقف العمليات الحربية والتوغل برا داخل الاراضي اللبنانية مجتازا الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة عام2000 اثر الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب واعتدي علي الممتلكات الخاصة بدعوي إزالة شجرة بين الشريط الشائك والشريط الالكتروني مقابل بلدة العديسة الجنوبية, وقصف الجيش الإسرائيلي مواقع للجيش اللبناني في البلدة ومراكز عسكرية ما دفع الجيش اللبناني إلي الرد علي مصادر النيران في اشتباك نادر بين الجيشين النظاميين الإسرائيلي واللبناني.
وأسفرت الاشتباكات عن وقوع شهيدين من الجيش اللبناني اضافة إلي استشهاد مراسل صحيفة الأخبار( عساف أبورحال) وجرح مراسل قناة المنار التابعة لحزب الله بينما سقط قتيل إسرائيلي برتبة مقدم( قائد كتيبة) وجريحين في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وبعد نحو ساعة ونصف الساعة طلب الجيش الإسرائيلي عبر القوات الدولية يونيفيل ومكبرات الصوت وقف اطلاق النار لاخلاء قتلاه وجرحاه, وبعدما استجاب الجيش اللبناني لدواع إنسانية عاود الجيش الإسرائيلي قصف مواقع الجيش اللبناني, فيما استمرت الطائرات الإسرائيلية في التحليق علي منطقة الحدود ودبابات ميركافا في التحرك علي طوال خط الحدود فيما قام قناصة إسرائيليون باطلاق النار علي مواقع الجيش ومواطنين لبنانيين, كما اطلق قذائف علي تلة البويضة علي اطراف بلدة العديسة, وقالت مصادر أمنية إن مصدر هذه القذائف مستوطنة مسكاف عام في منطقة الجليل بفلسطين المحتلة, وقام الجيش اللبناني بالرد علي مصدر النيران, فيما كانت قوي الأمن قطعت المرور في الطريق المتجة إلي الجنوب لمنع المواطنين من التوجه إلي منطقة الاحداث حرصا علي سلامتهم.
موقف القوات الدولية
نجحت القوات الدولية( يونيفيل) العاملة في جنوب لبنان( جنوب الليطاني) تنفيذا للقرار1701 في التوصل إلي اتفاق تهدئة لوقف اطلاق النار نحو الساعة الرابعة من بعد ظهر أمس بعد توقف اطلاق النار عند نحو الساعة الثالثة و15 دقيقة, وذلك من خلال الاتصالات التي قام بها الجنرال سانتي بونفانتي نائب قائد القوات بين الجانبين.
وأعلن المتحدث باسم يونيفيل أن أولوية مهمات القوات حاليا هي العمل علي إعادة الهدوء في جنوب لبنان, وطلبت قيادة القوات من الجانبين ضبط النفس.
وأعربت مصادر أمنية عن ثقتها في أن قيادة يونيفيل ستنقل ما حدث بأمانة إلي مراجعها الدولية المعنية, وتحديد من بادر بالعدوان وانتهك القرار1701.
لكن النائب قاسم هاشم من كتلة التحرير والتنمية النيابية أثار التساؤلات حول تصرفات اليونيفيل وادعي أنها أخلت مواقعها الثابتة في بلدة العديسة بعد ظهر أمس, وطالب الحكومة بالاستفسار عن سبب هذا الإخلاء وكشف الحقائق, وكانت الأنباء حول هذا الاخلاء أثارت المخاوف من أن يكون ذلك بسبب معلومات لدي يونيفيل عن عزم إسرائيل اجتياح المنطقة بريا.
الموقف اللبناني
عقد المجلس الأعلي للدفاع برئاسة الرئيس ميشال سليمان اجتماعا استثنائيا مساء أمس دعا سليمان إليه لتدارس الموقف ومناقشة سبل التعامل مع العدوان, واصدر المجلس بيانا أشار فيه إلي توجيهاته لكل المؤسسات اللبنانية المعنية بالتصدي للعدوان الإسرائيلي مهما كانت التضحيات, وحمل العدو الإسرائيلي المسئوليات الناجمة عن العدوان, وكلف المجلس رئيس وفد لبنان في الأمم المتحدة ومندوبها لدي مجلس الأمن- حيث تشغل لبنان عضوية المجلس في فئة العضوية غير الدائمة- السفير نايف سلام بتقديم شكوي عاجلة إلي المجلس, ودعوته إلي عقد اجتماع عاجل لإدانة العدوان وانتهاك القرار1701 والاعتداء علي السيادة اللبنانية إلي جانب طرح الموضوع بصفة عاجلة علي اجتماع المجلس الذي كان منعقدا مساء أمس.
وصرح اللواء سعيد عيد بأن المجلس بحث الأمور المتعلقة بالعدوان في حضور وزراء الخارجية والمالية والداخلية والبلديات( وزير الدفاع بالوكالة نظرا لوجود وزير الدفاع إلياس المر خارج البلاد) وقائد الجيش العماد جون قهوجي ومدير المخابرات, مشيرا إلي أن المجلس استمع من قهوجي إلي تقرير حول الأوضاع والتطورات, لافتا إلي قرارات أخري اتخذها المجلس ستبقي سرية طبقا للقانون.
وادان كل من الرئيس سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري الموجود منذ مساء أمس الأول في إيطاليا في زيارة خاصة العدوان الإسرائيلي, وأجري كل منهما اتصالات دولية واقليمية لفضح نوايا إسرائيل وتهديدها استقرار لبنان وطلب إدانة العدوان بكلمات واضحة دون لبس.
وقام الحريري بالاتصال هاتفيا بالرئيس حسني مبارك تم خلاله استعراض التطورات والوضع الخطير عقب العدوان الإسرائيلي ثم أجري الرئيس مبارك اتصالا لاحقا بالحريري لاحاطته بما أجرته مصر من اتصالات عاجلة لاحتواء, واستعادة الهدوء في الجنوب اللبناني, وأكد مبارك حرص مصر علي أمن وسيادة لبنان وسلامته الاقليمية, داعيا كل الاطراف إلي الالتزام بالتهدئة وضبط النفس.
وتلقي الرئيس اللبناني سليمان- حتي مساء أمس- اتصالين هاتفيين من كل من الرئيس السوري بشار الأسد, وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسي, وأكد الأسد خلال اتصاله وقوف سوريا إلي جانب لبنان ضد العدوان الإسرائيلي علي الاراضي اللبنانية, واعتبر الأسد الاعتداء يبرهن من جديد علي سعي إسرائيل دوما لزعزعة الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة.
وكان سليمان يتلقي أولا بأول تقارير من العماد جون قهوجي لاطلاعه علي تفاصيل المواجهة العسكرية مع العدوان الإسرائيلي, وشدد سليمان علي قائد الجيش بضرورة التصدي للعدوان مهما كانت التضحيات, فيما تابع التطورات السياسية والأمنية مع الجهات الداخلية والاقليمية والدولية.
ومن جهته اعتبر رئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل, نبيه بري أن العدوان الإسرائيلي يؤكد من جديد أن إسرائيل هي التهديد الوحيد لاستقرار لبنان, وأجري بري اتصالات اقليمية ودولية عدة وتابع مع وزير الخارجية علي الشامي وقائد الجيش التحركات السياسية والعسكرية في مواجهة العدوان, كما تشاور مع الرئيس سليمان في سبل التعاطي أمنيا ودبلوماسيا مع العدوان.
من جهة أخري, أجري رئيس الحكومة سعد الحريري اتصالا هاتفيا مع قيادة قوات- اليونيفيل- وكل من الرئيس سليمان وقائد الجيش.
وقد لاقت التحركات المصرية في مواجهة العدوان الإسرائيلي تقديرا وإشادة بالغين من مختلف الأوساط السياسية اللبنانية خصوصا جبهة إدانة العدوان, وانتهاك إسرائيل القرار1701 وتأكيد مصر تضامنها مع لبنان.
المقاومة والتيارات السياسية:
تراوحت التقديرات والتوقعات بين توقف العدوان الإسرائيلي عند هذا الحد بعد أن لقنه الجيش اللبناني درسا, وسقوط قتيل وجريح له في عملية عسكرية كانت تبدو سهلة بالنسبة له, وبين توسيع دائرة الاشتباك بدخول المقاومة إلي ساحة المواجهة إلي جانب الجيش.
وقد عزز الاحتمال الثاني إعلان الجيش حالة الاستنفار العام( حالة الطوارئ) في صفوفه, وإعلان النائب علي خرس من كتلة التحرير والتنمية أن المقاومة ستبادر بالدفاع عن لبنان في حالة استمرار الهجوم الإسرائيلي, وإعلان وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي( الحزب الاشتراكي التقدمي بزعامة وليد جنبلاط) أنه إذا كانت أمريكا وإسرائيل قررا شن حرب علي لبنان فلن تكون نزهة.
وقد حظي الجيش ـ الذي احتفل يوم الأحد الماضي بيوم الجيش بمناسبة مرور65 عاما علي تأسيسه ـ بالاشادة والمديح من مختلف القوي السياسية سواء من جانب قوي14 آذار( الأكثرية) أو قوي8 آذار( المعارضة) لتصديه للعدوان بشجاعة وبسالة تدل عليها ضحايا الطرفين شهيدان للجيش( جنديان) وقتيل وجريح إسرائيليان أحدهما( القتيل) قائد كتيبة برتبة مقدم والآخرجندي.
وأعرب النائب عقاب صقر من كتلة لبنان أولا عن ثقة الشعب اللبناني في جيشه الذي برهن علي شجاعته في حماية تراب الوطن ومقدرته علي التصدي للعدوان الإسرائيلي.
وفيما ترك حزب الله التعليق علي العدوان وتقييم الموقف السياسي والعسكري لأمينه العام السيد حسن نصرالله الذي أطل علي اللبنانيين مساء أمس, أدان بيانا للحزب الاعتداء الإسرائيلي الذي أسفر عن وقوع ضحايا من الصحفيين, فيما قام النائب علي فياض بزيارة مواقع الجيش التي تعرضت للقصف وزار الجرحي من العسكريين والمدنيين في مستشفيات مرجعيون وميس الجبل.
وأكد العماد ميشيل عون رئيس التيار الوطني الحر أن التصدي للعدوان الإسرائيلي في هذه المرحلة هي للجيش اللبناني بوصفه حارس الحدود علي حد قوله, فيما أكد النائب رياض رحال من كتلة لبنان أولا أن حزب الله لن يتدخل في المواجهة لأن هذه المنطقة هي تحت سيطرة الجيش, فيما ذكرت مصادر مطلعة لـ الأهرام المسائي أن الحزب لن يتدخل لأن تدخله في هذه المنطقة سيعطي ذريعة لإسرائيل والاطراف التي تستهدف الحزب بدخوله في هذه المنطقة جنوب الليطاني بالمخالفة للقرار1701.
وأكد الحزب القومي السوري الاجتماعي أن العدوان لن ينال من إرادة الصمود والمقاومة, وأشاد النائب محمد كبارة من تيار المستقبل ببسالة الجيش وشجاعته في التصدي للعدوان الإسرائيلي معتبرا تعامل الجيش مع العدوان يؤكد صواب الرهان عليه( وحده) للدفاع عن لبنان, فيما صرح اللواء مصطفي حمدان قائد الحرس الجمهوري السابق بأن الرهان كله علي الجيش والمقاومة معا للدفاع عن البلد, ووصف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط رد فعل الجيش علي العدوان بأنه موقف بطولي يؤكدان نظرية تحييد الجيش لا تجدي نفعا.
ودعا خضر حبيب النائب عن كتلة المستقبل العالم إلي تحمل مسئولياته لمحاسبة إسرائيل دوليا لخرقها القرار1701, مشيدا ببطولة الجيش معتبرا أنه اثبت اليوم أنه الأقدر علي حماية حدود الوطن, وأشادت جبهة العمل الإسلامي بـ المواجهة البطولية الرائعة التي خاضها الجيش اللبناني ضد الجيش الإسرائيلي) وطالب كمال شاتيلا رئيس المؤتمر الشعبي الحكومة بالعمل علي تزويد الجيش بأسلحة تضع حدا لاعتداءات إسرائيل فيما أكد الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل زعيم حزب الكتائب أن إسرائيل منزعجة من الدعم العربي للبنان, وتسعي لتعطيل مفعوله, ودعا حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع كل الفرقاء في لبنان للوقوف صفا واحدا خلف الجيش في دفاعه عن حرية وسيادة واستقلال لبنان.
إلي ذلك استدعي وزير الخارجية علي الشامي سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن, وممثل الأمم المتحدة في لبنان ماكيل وليامز لعرض موقف بلاده علي هذه الاطراف مطالبا بإدانة العدوان وانتهاك إسرائيل للقرار1701.