ليالٍ طويلة وهو يجرع الحزن . يتنقسه. يسرى فى أوصاله. يحس به يتحرك بداخله. يسمع تنهيداته كأنها تقتلعه من مكانه .وتلقى به إلى خارج الحياة . مأساته أنه نسى الحقيقة الوحيدة المؤكدة. نسى الموت . الذى باغته وأخذها منه فجأة . دون أن يعطيه أدنى فرصة حتى يخبرها كم يحبها أو على الأقل يظهر لها بعضاَ من الأمور المؤجلة التى عاهد نفسه أن يفعلها من أجلها .ذهبت بطيبتها وحنانها وملامحها . لكن هل ذهبت بروحها؟؟. سؤال إنتزعه من شروده وجعله ينفلت من حزنه إنفلاتاً .وأسرع إلى قطعة حجر صماءكان ينوى أن ينحتها تمثالا لها. هوى بالأزميل على الحجر فى إصرار يحاول أن يحفر صورتها عليه . آملاً أن يعيد إليه الحياة .لكن التمثال ظل كتلة صماء بلا روح. عمل ليال طويلة وظلت قطعة الحجر بلا حياة فلا عين رأت ولا شفاة نطقت ولا أذن سمعت . تعب وإقترب من اليأس .لكنه إستمر فى العمل متشبثاً بالأمل . كان التمثال يوماً بعد يوم يزيد جمالاً تبرزه نظرة العتاب التى إنطبعت على تقاسيم الوجه .مما شجعه أن يدخل به المسابقة الدولية للنحت .فإن كان قد عجز عن إعادة روحها إلى الحياة .فى إمكانه الآن أن يخلدها بعمل فنى يبقى للأبد. كان واثقاً تمام الثقة من الفوز لأنها شريكته. وهى عاشت وماتت ولم ترضى له يوماً إلا بالمرتبة الأولى .وبالفعل حين أعلنت نتيجة المسابقة كان الأول على الجميع . وحين أزال النقاب عن التمثال حتى يراه الجمهور . فاجأته
إبتسامة الرضا التى رآها تكسو ملامح التمثال. فإبتسم لأول مرة منذ موتها