المفهوم الديني لله
عندما نتكلم عن الله، من الأجدى أن نبدأ بالمفاهيم والتفسيرات الدينية. في المفهوم الديني، إن الله هو مصدر الكون، منه وجد كل شيء، وفيه يحيا كل شيء، وفيه ينتهي كل شيء، "الله يبدأ الخلق ثم يعيده"q ولا ينحصر هذا المفهوم في الديانات الشرق أوسطية؛ اليهودية والمسيحية والإسلامية، فحسب، لا بل يوجد أيضاً في الديانات الشرقية الآسيوية القديمة، تتكلم هذه الديانات كافةً عن ما هو وراء كل هذا الوجود، وفي نفس الوقت متغلغل في الوجود كله. وهكذا يكون الله مصدر الخليقة ومجالها وغايتها، وأفضل وصف لله هو أن لا نحدده بأي صفة، فكل الصفات تكون له، ويكون حقل لكل الإمكانيات.
المفهوم العلمي لله
وقد استطاع العلم الحديث أن يكتشف الحالة الإلهية، ففي نظريات فيزياء الكم، تم اكتشاف نظرية الحقل الموحد التي تقول بأن الكون كله قد انبثق من حقل واحد موحد، وهذا الحقل هو حقل غير ظاهر لا محدود، لكنه حقل لكل الإمكانيات، منبع الكل. إن الحقل الموحد هو منبع حقول الطاقة كلها، فمنذ ثلاثين سنة كانت علوم الفيزياء تقر بأن الكون كله يعمل ضمن أربعة حقول للطاقة، وهي: حقل الكهرباء المغناطيسية وحقل التفاعل الضعيف وحقل التفاعل القوي وحقل الجاذبية، وكل شيء ظاهر في هذه الخليقة لا بد أن يكون نتيجة تفاعل أحد هذه الحقول؛ فتفاعل حقل الكهرباء المغناطيسية هو المسؤول عن تركيبات المادة الظاهرة، وحقل التفاعل الضعيف هو المسؤول عن النشاط الإشعاعي في الخليقة، وحقل التفاعل القوي هو المسؤول عن تماسك الذرة، وحقل الجاذبية كما نعلم هو المسؤول عن قوة التجاذب. إلا أن العلم قد استطاع توحيد هذه الحقول، ففي العام 1967 تم الاكتشاف بأن حقل الكهرباء المغناطيسية وحقل التفاعل الضعيف ينبعان من حقل واحد أطلقوا عليه اسم حقل الكهرباء الضعيف، ومن ثم تم الاكتشاف بأن حقل الكهرباء الضعيف وحقل التفاعل القوي ينبعان من حقل واحد أطلقوا عليه اسم حقل التوحيد الكبير، وفي العام 1974 تم الاكتشاف بأن حقل التوحيد الكبير وحقل الجاذبية ينبعان من حقل واحد أطلقوا عليه اسم الحقل الموحد.
وقد تابع العلماء في التعمق في اكتشافاتهم للحقل الموحد، وعلى رأسهم الدكتور جون هكلن، واستطاعوا بواسطة معادلات الرياضيات العلمية أن يستخلصوا صفات لهذا الحقل الموحد فاكتشفوا أن هذا الحقل الموحد هو متطابق مع حقل الوعي، الموجود في كل شيء والموجد في داخل الإنسان على مستوى وعيه الصافي المجرّد. واكتشفوا أيضاً أن هذا الحقل الموحد هو ذاتي المرجعية وبالتالي هو بيت لكل قوانين الطبيعة. وبذلك يكون العلم في طريقه إلى كشف الحقيقة الأزلية، حقيقة الله.