[ ص: 669 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا ( 20 ) قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ( 21 ) قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا ( 22 ) )
اختلفت القراء في قراءة قوله : ( قل إنما أدعو ربي ) فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين على وجه الخبر : قال : بالألف; ومن قرأ ذلك كذلك ، جعله خبرا من الله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال : فيكون معنى الكلام : وأنه لما قام عبد الله يدعوه تلبدوا عليه ، قال لهم : إنما أدعو ربي ، ولا أشرك به أحدا . وقرأ ذلك بعض المدنيين وعامة قراء الكوفة على وجه الأمر من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد للناس الذين كادوا يكونون عليك لبدا ، إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وقوله : ( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لمشركي العرب الذين ردوا عليك ما جئتهم به من النصيحة : إني لا أملك لكم ضرا في دينكم ولا في دنياكم ، ولا رشدا أرشدكم ، لأن الذي يملك ذلك ، الله الذي له ملك كل شيء .
وقوله : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ) من خلقه إن أراد بي أمرا ، ولا ينصرني منه ناصر .
وذكر أن هذه الآية أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم; لأن بعض الجن قال : أنا أجيره .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : زعم حضرمي أنه ذكر له أن جنيا من الجن من أشرافهم إذا تبع ، قال : إنما يريد محمد أن نجيره وأنا أجيره ، فأنزل الله : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ) .
وقوله : ( ولن أجد من دونه ملتحدا ) يقول : ولن أجد من دون الله ملجئا [ ص: 670 ] ألجأ إليه .
كما حدثنا مهران ، عن سفيان ( ولن أجد من دونه ملتحدا ) يقول : ولن أجد من دون الله ملجئا ألجأ إليه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : ( ولن أجد من دونه ملتحدا ) : أي ملجئا ونصيرا .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( ملتحدا ) قال : ملجئا .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( ولن أجد من دونه ملتحدا ) يقول : ناصرا .