ستهل المنتخب الأرجنتيني مشواره المونديالي الخامس عشر بموعد متجدد مع
نظيره النيجيري وذلك عندما يواجهه السبت على ملعب "إيليس بارك" في
جوهانسبورج في افتتاح منافسات المجموعة الثانية من النسخة التاسعة عشرة
لنهائيات كأس العالم التي تستضيفها جنوب أفريقيا حتى 11 يوليو المقبل.
تدخل الأرجنتين إلى النهائيات الأولى على أراضي القارة السمراء وهي من
المنتخبات المرشحة للمنافسة على اللقب العالمي رغم معاناتها في التصفيات
الأميركية الجنوبية التي تأهلت عنها بشق الأنفس بعد خطفها البطاقة الرابعة
المباشرة في الرمق الأخير، وهي وقعت في مجموعة "مقبولة" نسبيا لأنها تضم
اليونان وكوريا الجنوبية إلى جانب نيجيريا.
تعتبر الأرجنتين إحدى القوى الضاربة في عالم كرة القدم وهي من
المنتخبات التي حصلت على شرف التربع على العرش العالمي مرتين (1978
و1986)، لكن الصورة التي ظهرت بها في التصفيات هزت مكانتها بين الكبار وهي
تسعى بالتالي إلى أن تمحي الانطباع المخيب الذي ظهرت به من خلال الظفر
بالنقاط الثلاث لمباراتها مع "النسور الممتازة"، آملة أن تجدد الفوز على
المنتخب الأفريقي بعد أن تغلبت عليه في مواجهتيهما السابقتين في النهائيات
عام 1994 في الولايات المتحدة (2-1) عندما كانت المجموعة تضم اليونان
أيضاً، وعام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان (2-1) عندما ودع المنتخبان
المونديال الآسيوي من الدور الأول.
استعان منتخب "التانجو" بنجمه الأسطوري السابق دييجو مارادونا للإشراف
عليه في مونديال القارة السمراء، إلا أن اختبار التصفيات أظهر أن طباع نجم
نابولي الإيطالي السابق ومهندس فوز بلاده بلقب مونديال 1986 قد تلعب دورها
السلبي في مشوار الفريق خصوصاً بعد قيامه باستدعاء عشرات اللاعبين منذ
استلامه مهامه ما فتح عليه نيران وسائل الإعلام التي طالبت بتنحيه من
منصبه.
واستبعد مارادونا عن النهائيات المدافع خافيير زانيتي وإستيبان
كامبياسو نجمي إنترناسيونالي الإيطالي واستدعى بعض الأسماء المفاجئة أمثال
لاعب الوسط الهجومي سيباستيان بلانكو، والظهير أرييل جارسي المحترفين في
الدوري الأرجنتيني مع فريقي لانوس وكولون على التوالي، قبل أن يقصي الأول
من اللائحة الأولية، كما ضم المهاجم المخضرم مارتن باليرمو (36 عاماً).
وبالإضافة إلى زانيتي وكامبياسو اللذين توجا هذا الموسم بثلاثية دوري
أبطال أوروبا والدوري والكأس الايطاليين، ومدافع برشلونة الإسباني جابرييل
ميليتو، كان فرناندو جاجو لاعب وسط ريال مدريد ولوتشو جونزاليس لاعب وسط
مرسيليا الفرنسي وليساندرو لوبيز مهاجم ليون الفرنسي الذي أحرز جائزة أفضل
لاعب في فرنسا في لائحة ضحايا مارادونا.
لكن لا تزال صفوف الأزرق والأبيض تعج بأسماء ضخمة أبرزها على الإطلاق
جوهرة برشلونة الإسباني وأفضل لاعب في العالم ليونيل ميسي، إلى جانب هداف
ريال مدريد جونزالو هيجواين، وهداف أتلتيكو مدريد الإسباني سيرخيو أجويرو
"صهر" مارادونا، وكارلوس تيفيز مهاجم مانشستر سيتي الإنجليزي، ودييجو
ميليتو هداف إنترناسيونالي وخافيير ماسكيرانو لاعب وسط ليفربول الإنجليزي.
لكن اللافت أن البروز الهائل لهؤلاء اللاعبين مع أنديتهم لا ينسحب على
المنتخب الأرجنتيني لدرجة وصف فيها تيفيز تواجده مع المنتخب بالكئيب.
تبحث الأرجنتين عن لقبها الأول منذ 1993 عندما أحرزت كوبا أميركا، وقد
تكون طريق التصفيات المؤلمة مدخلاً لتحقيق إنجازها الثالث في العالم، على
غرار مشوارها في تصفيات 1986، علماً بأنها استهلت التصفيات تحت راية
المدرب ألفيو باسيلي الذي ترك الساحة لمارادونا بعد الخسارة أمام تشيلي في
الجولة العاشرة.
وبعد فترة من عدم الاستقرار في تحقيق النتائج، انتظر المنتخب
الأرجنتيني المباراتين الأخيرتين ليحجز مقعداً له في جنوب أفريقيا بفوزه
على بيرو وأوروجواي.
حصد منتخب "التانجو" 28 نقطة وهو أسوأ رصيد له منذ اعتماد تصفيات
المجموعة الموحدة، وقد تلقى خسارة مذلة أمام بوليفيا (1-6) وأخرى أمام
الغريم التقليدي البرازيل للمرة الثانية فقط على أرضه.
يقول مارادونا للاعبيه: "إن التضحية لمدة 30 يوماً في سبيل تقبيل كأس
العالم لا تقاس في حياة الإنسان. لعبت في كاس العالم (أربع مرات) وبلغت
النهائي مرتين. إنجاز كهذا هو بمثابة التحليق في السماء".
تشكيلة هجومية بقيادة ميسي
من المؤكد أن التعويل الأساسي لمارادونا سيكون على ميسي المرشح ليكون
أفضل نجوم العرس الكروي بعد أن فرض نفسه ملك الملاعب الأوروبية دون منازع،
وقد رشح نجم برشلونة منتخب بلاده لإحراز اللقب العالمي، مؤكداً في الوقت
ذاته انه سيسعى إلى تقديم عروض جيدة ضمن المنتخب توازي العروض التي قدمها
مع فريقه الاسباني خلال الموسم المنصرم.
وقال: "بالنسبة لي، الأرجنتين مرشحة للفوز باللقب، حتى ولو لم يرشحها أي أحد لذلك، وأنا أرى أن الأمر يصب في مصلحتنا".
ووعد ميسي الذي توج هدافاً للدوري الإسباني الموسم المنصرم برصيد 34
هدفاً، أنه سيسعى إلى أن يقدم في المونديال ما قدمه مع برشلونة، وقال:
"أملك الكثير من الأمل وسأسعى بقوة إلى ذلك".
ونفى ميسي الحائز على جائزة الكرة الذهبية عام 2009 أن يكون لعبه مع
المنتخب يشكل ضغوطات عليه وقال: "أنا معتاد على الضغوطات، وأنا ألعب مع
برشلونة الذي هو واحد من اعرق الفرق في العالم واللعب معه يتطلب دائما
الفوز".
وتدخل الأرجنتين إلى مباراتها مع أبطال أفريقيا عامي 1984 و1994
بمعنويات مرتفعة بعدما حققت خمسة انتصارات متتالية منذ بداية 2010، وآخرها
في 24 الشهر الماضي أمام كندا بخماسية نظيفة في مباراة لعب خلالها
مارادونا بثلاثة مهاجمين ما سمح له بتحقيق أكبر فوز له مع المنتخب منذ أن
استلم مهامه.
وأشار مارادونا حينها أنه قد يلعب بثلاثة مهاجمين في النهائيات، وتأكد
هذا الأمر في جنوب أفريقيا حيث كشف مدافع مرسيليا غابرييل هاينتزه أن
منتخب بلاده سيخوض مباراة نيجيريا بثلاثة مدافعين، ما يعني أن مارادونا
سيعتمد على الأرجح تشكيلة 3-4-3.
تفاؤل في صفوف النسور
من المؤكد أن مارادونا يريد أن يحسم المباراة الأولى بشدة لأن الفوز
سيمهد الطريق أمام رجاله لتصدر المجموعة، لكن النيجيريين الذين يشاركون
للمرة الرابعة بعد أعوام 1994 و1998 (الدور ثمن النهائي) و2002 (الدور
الأول)، لن يكونوا لقمة سائغة على الإطلاق خصوصاً أنهم يملكون مدربا محنكا
وهو السويدي لارس لاجرباك الذي قاد بلاده إلى نهائيات كأس أوروبا أعوام
2000 و2004 و2008 ومونديالي 2002 و2006.
وعلق المدرب السويدي على ما ينتظره في مغامرته المونديالية الثالثة
قائلاً: "نملك فرصة كبيرة لتحقيق نتيجة جيدة في كأس العالم. أعتقد فعلاً
أننا نملك فرصة واقعية للذهاب بعيداً".
ويتحضر نجم الهجوم المخضرم نوانكو كانو لمشاركته الثالثة في النهائيات،
وقد علق اللاعب على هذه المسألة قائلاً: "هذا حلم كل لاعب أن يلعب في جنوب
أفريقيا وان يكون جزءاً من حدث تاريخي من هذا النوع. بالنسبة إلي، أريد أن
أسجل الأهداف وإذا نجحت في تحقيق هذا الأمر فسنحقق نتيجة جيدة".
صحيح أن "النسور الممتازة" التي ستفتقد لاعب وسط تشلسي جون أوبي ميكل
بسبب الإصابة، لم تعد من كبار الكرة المستديرة على الساحتين الأفريقية
والدولية، إلا أنها تملك فرصة التأهل إلى الدور الثاني، لأنها تملك لاعبين
مميزين مثل المدافعين جوزف يوبو وتايي تايو، وكانو وكالو أوتشي في الوسط،
وأوبافيمي مارتينز وفيكتور أوبينا وياكوبو آييجبيني في الهجو