فى بلاد الدجاج التى لم تعد بلاداً للعلم ولا التقدم، رحل ذلك الفذ فى صمت، ولأن الصقور لا تبيض إلا صقوراً ؛ خلفه صقران لا يقلان عنه قدرة فى التحليق إلى أبعد ما يكون ، إلى بلاد الأحلام التى لا تظلها سماء و لا تقيدها حدود. أحلام كفيلة بمستقبل أفضل ليس للصقرين فقط بل للدجاج أيضاً . نعم الدجاج هكذا سماهم الأب قبل أن يرحل.
كبر الصقران ولم يتغير شيئا فى بلاد الدجاج، بل زاد الأمر سوءاً فلم يعد أحد فى بلاد الدجاج يعطى الصقرين قدرهما، فلكل زمان صقوره.
فى أحد الأيام كان هناك الجديد؛ نظرة صقر محلق فى سماء الأحلام . حدثهما أن الصقور لا مكان لها على أرض الدجاج بل عليها أن تحلق عالياً إلى أبعد وأعلى ما يكون ، إلى اللاممكن وإلى اللامعقول. (عليكما التحليق معى إلى سماء الأحلام و لا تطأ بلاد الدجاج مرة أخرى فللصقور أراض بلاد أخرى تحترمها و تعرف أهمية الصقور)
لأول مرة فى حياة الصقرين يدب الخلاف ؛ الأصغر مع التحليق عالياً إلى عالم آخر يمكن فيه تحقيق الأحلام ، أما الآخر ففى أرض الدجاج يريد أن يكمل.
حضر الضيف مرة أخرى منتظراً الرد متمنياً ألا يرتكبن حماقات الأب بالبقاء حتى الموت فى بلاد الدجاج. الأصغر سيحلق مع الضيف إلى سماء الأحلام أما الأكبر فلا.
حين سأل الضيف عن سر رفض الأكبر ، أجاب الأكبر
-الصقر الأكبر: هل تعلم لماذا سمينا صقور؟
-الضيف: لأن الصقور تحلق عالياً و هذا هو حالنا بنو العلم لا بد و أن نحلق عالياً عالياً فى سماء بلاد العلم
-الصقر الأكبر: معك حق أيها الضيف و لكن دعنى أخبرك ما لم يخبرك إياه أبانا من قبل :
ذات يوم جرف السيل عشاً لصقر من ربوة الجبل إلى سفحه حيث كانت مزرعة الدجاج . كان بالعش بيضتان سقطتا بين بيض الدجاج و عندما حان موعد فقس البيض خرج صقران إلى الحياة بصحبة الدجاج. قام الصقران يأكلا مما تأكل منه الدجاج و يمشيا مثل الدجاج ، وعاشا طوال عمرهما لا يعلمان أنهما صقور لا دجاج. إلى أن حلق فوق سماء المزرعة صقر أدهشه ما يرى . كان عليه أن يهبط إلى أرض الدجاج محاولاً الإستفهام عما يرى. حدث الصقرين بأنهما صقران ، و أن الصقور لا تحيا بين الدجاج بل تحلق عالياً عالياً إلى أعلى ما يكون إلى حيث سماء الأحلام ، سماء الأمل ، سماء الحرية. اقتنع أحدهما بكلام الصقر أما الآخر فرفض. أخذ الصقر يحلق إلى أعلى حاملاً الصقر الذى تخلى عن أرض الدجاج إلى أن ابتلعهما المجهول.
أما الصقر الآخر فأخذ يتطلع إلى سماء الأحلام ، ويتدرب على التحليق حيث سماء الأحلام. ومرة تلو مرة إلى أعلى و إلى أعلى. وظل هكذا إلى أن جاء اليوم الذى لم يحلق فيه وحيداً بل حلق و بصحبته الدجاج إلى سماء الأحلام مخلفين أكواماً من ذكريات أيام الأرض و متطلعين إلى سماء الأحلام التى لم تخلق للصقور وحدها بل خلقت ليحلم الجميع .
-الضيف: هذا هراء ؛ فالدجاج لم و لن يصل إلى سماء الأحلام
-الصقر الأكبر: الهراء هو أن أحلق معك . فلتحلق بأخى بعيداً أما أنا فلا.
-الصقر الأصغر: لا لن أحلق بعيداً عن أرض الدجاج ، و لتعلم أيها الضيف أن الصقور لن تحلق منفردة.