الضياع هذا هو حال الشباب والبسطاء فى مصر، فدائما قضاياهم وهمومهم غائبة عن طاولات المسئولين، فتتبدد أحلامهم كل لحظة حتى إنهم يشعرون بضياع مستقبلهم ويفقدون أحلامهم أمام طاغوت الحرمان والفقر والبطالة التى تتزايد كل لحظة بزيادة الخريجين الذين يصطفون بجانب أبائهم بدون أى أمل فى الحياة أو العيش داخل وطنهم بكرامة، فتسلب إرادتهم أمام انعدام فرص العمل والحاجة وتغيب طموحاتهم وآمالهم وتتلاشى أحلامهم بالمشاركة فى بناء الوطن وتنميته والمساعدة فى رفعته والعيش فى أمان..
أفكر وأنا أعتصر حزنا وألما إلى ما آلت إليه الأوضاع فى مصر، هذا السواد الأعظم القاتم لبشر يعيشون كالأموات وينتظرون الأمل يوما بعد يوم، ويصحون من نوم إلى نوم أعمق فقد سلبت أفكارهم وكبلت أيديهم بقلة الحيلة، وهمشوا حتى إن أحدا لم يتذكرهم يعانى عشرات الملايين من المصريين من البطالة، وبالتالى يعانون من الفقر والحاجة والحرمان وتخلف أوضاعهم الصحية، أو تأخرهم عن الزواج، وإنشاء الأسرة، أو عجزهم عن تحمل مسئولية أُسرهم..
إنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، والاجتماعية والأمنية، وسياسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية، فالعاطلون دائما يفتقدون تقدير الذات ويشعرون بالفشل، وأنهم أقل من غيرهم كما يسيطر عليهم الملل، وإنّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة كما وجد أن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين، بل ويمتد هذا التأثير النفسى على حالة الزوجات، وأنّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزايد المشاكل العائلية وتزايد الجرائم وعند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الدينى، يقدم البعض منهم على شرب الخمور والمخدرات بأنواعها والسرقة، ومنهم ممن يقدمون على الانتحار نتيجة للتوتر النفسى، تزداد نسبة الجريمة، كالقتل والاعتداء..
ومن مشاكل البطالة أيضاً مشكلة الهجرة، وترك الأهل والوطن التى لها آثارها ونتائجها السلبية، وهى مغامرة غير محمودة، فكلنا نعرف ما الذى يتعرض له هؤلاء المهاجرين من أهوال وغرق وخلافه، والسبب الأساسى فى هذه المشاكل هو الافتقار إلى المال.. تتحول البطالة فى كثير من بلدان العالم إلى مشاكل أساسية معقّدة، ربما أطاحت ببعض الحكومات، فحالات التظاهر والعنف والانتقام تواجه ضد الحكام وأصحاب رءوس المال فهم المسئولون، فى نظر العاطلين، عن مشكلة البطالة.
فى النهاية أتوجه إلى الله بالدعاء لينعم شعب مصر جميعا بثروات هذا البلد، وما أكثرها، ولا تكون الثروة حكرا على شخصيات وفئة معينة من الشعب، وأن يعم الرخاء ربوع البلاد وأن تظل مصر بلد الأمن والأمان ويعيش الجميع تحت مظلة العدل التى ينشدها الفقراء والبسطاء والله يولى من يصلح.