مالم يقله الرئيس مبارك - المدارس والمستشفيات أهم من المساجد والكنائس
بقلم:محمد علي إبراهيم
11/01/2010
في خطابه بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة وجه الرئيس مبارك خطاباً قوياً للأمة عرضت تحليلاً له أمس الأول ويهمني اليوم الإشارة إلي مغزي عميق نوه إليه الرئيس ولم يأخذ حقه في التغطية الصحفية.
كان الرئيس يتحدث عن ضرورة تحديث خطابنا الديني وكيفية جعله مادة لإطفاء جذوة الفتنة ونارها.. وناشد مبارك رجال الأزهر والكنيسة أن يعودوا للخطاب الديني المستنير الذي اختفي وراء ستائر التطرف والعنف.
نادي الرئيس بأن يكون الخطاب الديني داعماً لنظامنا التعليمي والإعلامي ولكتابنا ومثقفينا.. يؤكد قيم المواطنة وأن الدين لله والوطن للجميع.. ينشر الوعي بأن الدين هو أمر بين الإنسان وربه.. وأن المصريين بمسلميهم وأقباطهم شركاء وطن واحد.. تواجههم نفس المشكلات.. ويحدوهم ذات الطموح للمستقبل الأفضل.. لهم.. وللأبناء والأحفاد.
ومضي الرئيس قائلاً إنه دور ضروري ومطلوب ينهض به عقلاء الأمة وحكماؤها من الجانبين.. يتصدي للتحريض الطائفي ويحاصر التطرف.. يعمل من أجل مجتمع مصري متطور لدولة مدنية حديثة.. ويدعو المسلمين والأقباط للتسابق في بناءالمدارس والمستشفيات ومساعدة الفقراء والعطاء من أجل الوطن.
الجزء الأخير من هذه الفقرة هو أهم ما قيل في موضوع الفتنة الطائفية.. الرئيس يدعو المسلمين والأقباط للتسابق في بناء المدارس والمستشفيات بدلاً من التسابق في تشييد المساجد والكنائس.. المسلمون يريدون أن ترتفع آلاف المآذن في مصر.. والأقباط يدعون إلي مضاعفة عدد الكنائس.. في كل مسجد صندوق لجمع التبرعات لتوسعته وفي كل كنيسة صندوقان أحدهما للنذور والآخر لتوسعة الكنيسة أو الأسقفية.
في الشارع يصادفك من يجمع أموالاً لبناء مسجد. وفي الكنائس هناك من يجمع النقود أيضاً لبناء كنيسة في منطقة ما أو التوسع في كنيسة قائمة فعلاً.
لكن هل يستفيد المسلمون بالمساجد والأقباط بالكنائس في حياتهم أم أن هناك أوجهاً أخري أولي بالإنفاق عليها!.
إننا كمسلمين نذهب للصلاة بالمسجد يوم الجمعة الذي يكتظ بالمئات من الركع السجود. وكذلك الحال في شهر رمضان المبارك.. بقية الأيام وفي الأوقات المختلفة لا نجد إلا قليلين فقط في شعائر الصلوات الخمس.. وكذلك الحال في الكنائس التي تزدحم في عظة البابا الأسبوعية أو أيام الأحاد.. وبعد ذلك نجد الكنائس خاوية إلا من نفر قليل.
وأتذكر أن البابا شنودة في إحدي عظاته الأسبوعية لاحظ خلو القاعة من المصلين وتكاسلهم في الحضور بالموعد المحدد فنبههم إلي ضرورة الالتزام بالحضور.
ودعونا نسأل عن أهمية تزايد المساجد والكنائس في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة الأمية ويعجز المصريون عن إيجاد سرير في مستشفي حكومي أو خاص.. أليس التبرع لبناء المدارس والمستشفيات يصب في صالح المجتمع أكثر من دور العبادة؟
هل يريد الإخوة الأقباط أن تزيد كنائسهم في القاهرة عن ألف كنيسة لتتعادل مع عدد مآذن مساجد العاصمة.. وهل يريد المسلمون أن يضاعفوا عدد مآذنهم ليتباهوا بأنهم الأغلبية الكاسحة؟
هل سنتطاول في البنيان وننسي أننا نريد مدارس ومستشفيات وجامعات ومعاهد بحث علمي؟!
أيهما أولي أن نعلم أبناءنا أم نبني دور عبادة لا نذهب إليها؟ أيهما أهم أن نختلف علي ضرورة التبرع للمؤسسات التعليمية والعلاجية أم نثير قضية حول جواز تبرع المسلم للكنيسة وهل هي حلال أم حرام؟!
إنني أناشد الموسرين من المسلمين والأقباط أن يتبرعوا للتعليم والعلاج.. مدارس يتعلم فيها القبطي والمسلم جنباً إلي جنب ومستشفيات تعالج الاثنين بلا تفرقة.. هذا هو ما يقوي ركائز المواطنة في البلد ويقيم أساس دولة مدنية حديثة وليس دولة دينية يتباهي فيها المسلم بمسجده والقبطي بكنيسته.. هذه مصر التي لا نريدها.. مصر المتطرفة التي تعود للعصور الوسطي.. نريد مصر المؤمنة بالتطور العلمي والإنساني والتي تنظر للإنسان كقيمة وقامة وليس إلي خانة الديانة.. تسابقوا في العطاء للوطن.. عطاء علمي وتنموي وإنساني. أما التسابق الديني فدعوه جانباً لأنه يشعل التطرف ويناصر التمييز ويفاضل بين قطبي الوطن ولو حدث ذلك فلن يكون هناك وطن تتسابقون في البناء عليه.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]